أيمن عبد الرسول
لايستطيع منصف أن ينكر الدور الحيوي الذي لعبه هذا الرجل في الفكر الإسلامي في القرن العشرين , وسواء إتفقت معه أو اختلفت , لاشك أن إعجابٌ ما سوف يأخذك إذا اطًلعت على بعض كتاباته في السطور القليلة القادمة سوف نستعرض , موافقه , حياته بعضاً من أفكاره وهو الذي بدا ملخصاً لأزمة الإسلام في القرن المنفلت وحتى الآن في كيد الأعداء وجهل الأبناء
مولده ونشأته:
22سبتمبر 1917وفي قرية نكلا العنب التابعة لمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة ولد شيخنا , وقد سماه والده بإسم محمد الغزالي تيمناً بحجة الإسلام الشيخ أبوحامد الغزالي الذي زار والده (أحمد السقا)في منام , وأخبره بأنه سينجب ولداً , ونصحه بتسميته الغزالي
نشأ في أسرة متدينة , وتربى وسط خمسة أخوة كلهم ذوي ميول إسلامية , إلا أن أحدهم لم يسلك طريق الغزالي في التعليم الديني . بدءاً من كُتاب القرية , وحفظه القرآن الكريم كاملاً وهو في العاشرة من العمر , ويقول الغزالي عن تلك الأيام : “كنت أتدرب على إجادة الحفظ بالتلاوة في غدوي ورواحي، وأختم القرآن في تتابع صلواتي، وقبل نومي، وفي وحدتي، وأذكر أنني ختمته أثناء اعتقالي، فقد كان القرآن مؤنسا في تلك الوحدة الموحشة”.
دراسته:
التحق بعد الكُتاب بمعهد الإسكندرية الديني الابتدائي وظل بالمعهد حتى حصل منه على شهادة الكفاءة ثم الشهادة الثانوية الأزهرية, ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة سنة 1937م والتحق بكلية أصول الدين بالأزهر الشريف, وبدأت كتاباته في مجلة (الإخوان المسلمين) أثناء دراسته بالسنة الثالثة في الكلية, بعد تعرفه على الإمام حسن البنّا مؤسس الجماعة, وظل الإمام يشجعه على الكتابة حتى تخرّج بعد أربع سنوات في سنة 1941م وتخصص بعدها في الدعوة والإرشاد حتى حصل على درجة العالمية سنة 1943م وعمره ست وعشرون سنة, وبدأت بعدها رحلته في الدعوة من خلال مساجد القاهرة, وقد تلقى الشيخ العلم عن الشيخ عبد العظيم الزرقاني, والشيخ محمود شلتوت, والشيخ محمد أبو زهرة والدكتور محمد يوسف موسى وغيرهم من علماء الأزهر الشريف.
هو والإخوان :
كانت جماعة الإخوان المسلمين , وهي دائماً هكذا , في حاجة إلى كاتب متميز يصل سهل أسلوبه للناس , وهو يتحدث عن قضايا حرجة ومصيرية وبلغة أدبية رفيعة المستوى تلك الغة التي كانت سائدة في ذلك التوقيت من تاريخ مصر , وكان لقاء الغزالي مع حسن البنا حاسماً سواء في حياة الغزالي أو في حياة دعوة الإخوان المسلمين دون مبالغة , تستطيع القول بأن كل منهما كان بحاجة إلى الآخر ,يتحدث الشيخ الغزالي عن لقائه الأول بالإمام حسن البنا فيقول:
كان ذلك أثناء دراستي الثانوية في المعهد بالإسكندرية، وكان من عادتي لزوم مسجد (عبد الرحمن بن هرمز) حيث أقوم بمذاكرة دروسي، وذات مساء نهض شاب لا أعرفه يلقي على الناس موعظة قصيرة شرحاً للحديث الشريف: (اتق الله حيثما كنت... وأتبع السيئة الحسنة تمحها.. وخالق الناس بخلق حسن) وكان حديثاً مؤثراً يصل إلى القلب.. ومنذ تلك الساعة توثقت علاقتي به.. واستمر عملي في ميدان الكفاح الإسلامي مع هذا الرجل العظيم إلى أن استشهد عام 1949م.
ولأن علاقة الغزالي بالبنا كانت مبنية على إعجاب شخصي متبادل , لم تكن علاقة الغزالي بالجماعة لتمر بهدوء , وهو الذي سماه حسن البنا بأديب الدعوة , مالبثت علاقة الغزالي بالجماعة أن توترت بعد إختلافه معهم في الموقف من ثورة يوليو , حيث رأى الغزالي ضرورة التعاون مع مع الضباط الأحرار , ورغم سعة أفقه , ومحاولته تلك في تقريب وجهات النظر , إلا أن لا الجماعة غفرت له ولا الثورة كافئاته , ولم يدم الود طويلاً مع الجماعة , وأنفصل عنها وهم يدعون أنهم فصلوه ربما , نقول ربما كان هذا الغبن المزدوج وراء سفره الى الجزائر في أوائل الستينيات للتدريس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة وهناك رافق وتعرف على يوسف القرضاوي والشيخ البوطي وغيرهم
مواقفه وأفكاره:
الأمر الذي جعلنا نحسب شيخنا من المجددين رغم موقفه من الشهادة في قضية إغتيال الكاتب الراحل فرج فودة , هو أن للغزالي موقف مع الديمقراطية جعل الجماعات السلفية المتشددة تتهمه بالكفر , كما أن موقفه من المرأة هو موقف يمثل نزاهة الموقف الإسلامي القرآني من إنصاف هذا الكائن الضعيف , للغزالي كتب كثيرة لعل أكثرها تجديداً وإنتصاراً لقضية الإسلام والعصر , هما كتابي (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث) و(جدد حياتك) في الكتاب الأول يطرح الغزالي قضية إختلاف مكانة السنة لدى أهل الرأي أو العقل وحتمية مراجعة الكثير من مسلماتنا عن السنة النبوية , وهو الكتاب الذي أثار غضب الكثيرين من أهل السنة , وأنتصر لفكرة أصحاب الرأي , وعندما يصدر هذا الرأي من شيخ بحجم محمد الغزالي يجب أن يسمع الجميع , كان يعتمد في الغالب الأعم من كتبه المنهج العقلي , ويحاول دوماً إحداث صدمة لقارئه , هدفها الخروج بجديد بعد كل كتاب , لم يكن الغزالي متشدداً أبداً ولكن كان يمثل الإسلام إذا تعقلن , والشيخ إذا تعصرن , والمهموم بقضايا أمته المسلمة إذا إستشعر الخطر , ومع ذلك كله كانت له سقطات لاتليق بعلمه , ولا بتاريخه ومنها شهادته في قتلة فرج فودة , وأن قتل المرتد واجب على آحاد الأمة , ويعد من يقوم به متعدياً على السلطة , وأنه رحمه الله , لايذكر أية عقوبة في الإسلام للتعدي على السلطة
فهل هذه الكبوة تجيز لنا ردم الرجل , وإجتهاده وتجديده , الحقيقة لا , لأنه من أوائل من نبه إلى الخرافات في السيرة النبوية ورفضها , بعقل واع , وقلب مؤمن مطمئن , فرفض حدوتة العنكبوت الذي عشش على الغار في الهجرة النبوية , ورفض الحواديت التي كتبت في السيرة المحمدية تبشر بالنبي محمد , ورأى أن هذه الخرافات أخطر على الإسلام من كيد الأعداء .
وفاته وبعض مؤلفاته:
في المملكة العربية السعودية , ويوم 9مارس 1996وأثناء مشاركته في مؤتمر حول الإسلام وتحديات العصر , لقى ربه وقد تححقت له أمنيته أن يدفن بالبقيع , مجاوراً لصحابة رسول الله.
• عقيدة المسلم
• فقه السيرة
• كيف نفهم الإسلام؟
• هموم داعية
• سر تأخر العرب والمسلمين
• خلق المسلم
• معركة المصحف
• مشكلات في طريق الحياة الإسلامية
• الإسلام المفترى عليه
• الإسلام والمناهج الاشتراكية
• الإسلام والأوضاع الاقتصادية
• الإسلام والاستبداد السياسي
• الإسلام والطاقات المعطلة
• الاستعمار أحقاد وأطماع
• في موكب الدعوة
• التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام
• حقيقة القومية العربية
• مع الله
• الحق المر
• قذائف الحق
• كفاح دين
• من هنا نعلم
• نظرات في القرآن
• صيحة التحذير من دعاة التنصير
• جدد حياتك
و الكثير من الأعمال الهامة حيث بلغت مؤلفاته أكثر من خمسين عملاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
صرح من غير متجرح