الأربعاء، 26 أغسطس 2009

جمال البنا:الإعتماد على السلف أهم أسباب الخلل في الإسلام والبابا شنودة مسئول عن الفتنة الطائفية !!

- أعكف حالياً على تقديم حسن البنا الذي لا يعرفه أحد
ويكشف عن وثيقة تدين الإخوان عمرها اكثر من 60 عاماً
حوار: أيمن عبد الرسول
رغم أعوام عمره المديد (88عاماً) يفاجئنا كل يوم بإجتهاد جديد , مرة نقبله ونثني عليه , ومرات كثيرة نختلف معه , يؤكد أنه إخواني أكثر من الإخوان ,وأن الأقباط أقلية يجب عليها إحترام دين الأغلبية , ويرى أن الفكر الإسلامي الأن يعاني أزمة في الإيمان بالحرية وكذلك الخطاب القبطي, جمال البنا يفتح قلبه وعقله لنا وإن إختلفنا معه لا يكفرنا ولا نكفره , فقط نرد عليه, فللحوار معه متعة الجدل المنتج !!
- في موسم الفتاوى الرمضاني , ولك فتوى كانت مثيرة للجدل حول جواز التدخين في نهار رمضان , لن نناقش مثل هذه التُرهات , ماهي الأسس الشرعية للفتوى , تبعاً لمدرستك؟
- القرآن أولاً , والعقل ثانياً , وماثُبت تماماً من الحديث النبوي الصحيح , هذه الأسس هي التي نقيم عليها ما تسمونه فتاوى , وأًسميه إجتهادات!!
- الله ولماذا إلإختلاف إذاً , إذا كانت مصادر الإجتهاد واحدة, ألست معي أن الأمر مُربك ؟!
- المدهش أن المؤسسة الدينية , تعتمد على فهم سلفي و تراث من الفتاوى والآراء التي فقدت صلاحيتها للإستخدام العقلي , ومصدرها رجال أجلاء هم فقهاء عصرهم وكل الأئمة كانوا يعملون على خدمة الإسلام والمسلمين في زمنهم , إذا أضفنا لمَ سبق محدودية وسائل الثقافة المعتمدة وفقط على الكتب المنسوخة يداً , والنظام السياسي الذي كانوا يعملون لظِله وفيه وله ومنه وعليه , كان مُستبِداً - إلا قليلاً – والأكثر إثارة أن إجتهادات العصر الذهبي للإسلام مر عليها أكثر من ألف عام , كل هذه الأسباب وغيرها تجعلنا نرفض أن يتحكم فينا أولئك الذين أجتهدوا لزمانهم لا لزماننا , ولا تلزمنا إجتهاداتهم والإسلام يرفض التقليد , وينفي فكرة رجال الدين , ويذم اليهود والنصارى لإتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله , وانتقد الذين إذا قبل لهم إتبعوا ما أنزل الله , قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا .
وبالتالي كل إجتهادات الأزهر والإخوان ,وأغلب المفكرين الإسلاميين ؛تعتمد حتى الأن على فقه الأئمة , والتراث السلفي ,ونحن لا نأخذ بهذا , ولكننا نقول نستطيع أن نفكر , وننتج إجتهادنا المختلف , المتناسب مع عصرنا المختلف أيضاً, لا ننبذ أرآؤهم بشكل مطلق نستأنس بها , ولا نلتزم بها لأننا لو إلتزمنا بها أشركنا بالقرآن ,والمصدر الرئيسي كما نؤكد هوالقرآن !!
وإذا كان هناك إرتباك فالمسئول عنها من يريدون هيمنة فكر الأئمة على القرآن , ونحن ننحاز لكلام الله ضد من ينصبون أنفسهم متحدثين رسميين باسم الله!!
- والدعوة للتمسك بالقرآن لماذا تُتهم - غالباً – بالعداء للسنة من وجهة نظرك؟!
- أولاً : شرف لنا أن نكون قرأنيون , ولكننا لسنا ضد السنة
ثانياً : القرآن نفسه يلزم كل مسلم ومسلمة بطاعة الرسول(ص) والعلاقة بين السنة النبوية والقرآن لا تنفك , إلا أن سوء نية وتربص و مكاشفات قادتنا إلى مثل هذه المهازل , فالرسول يقول الحلال ماأحله الله في كتابه , والقرآن يقول ماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم , فمنت أين يأتي التناقض ؟
- سألته عن رأيه في الدعاة الجدد , وهل يتابعهم ؟
- إبتسم وصرح : لا.. لست مشغولاً بهم , ولكنني من زاوية حب الإستطلاع أشاهد بعضهم , لأفهم دوافع واليات هذا الخطاب , فهم يقدمون صورة من صور الوعاظ والرقاق, الذين يحكون الحواديت للمسلم حتى ينام حالماً بالجنة , أو يزودونه بالكوابيس ليستيقظ فزعاً من وهج جهنم , بإختصار هم يعمدون إلى إثارة العواطف , ولا يقيمون للعقل وزناً وللمستمع قيمة , وهم كذلك مهتمين بإرهاف الحاسة الدينية العاطفية , وأغلبهم متشددين , لايعرفون شيئاً عن الآخر , والإتهام بالكفر وارد حال الإختلاف معهم , ولا أمل أن يقدموا والحال كذلك أبة خطوة في إفادة الإسلام ولا المسلمين , بل هم ينمون على جهل المسلم , ويتكاثرون بناء على رغبة الفضائيات في ملئ ساعات برامجها, وفي النهاية من الذي سماهم دعاه وكيف يوصفون بأنهم جدد!!
هم في التحليل الأخير إفراز منطقي لحالة الفوضى التي نعانيها في مجتمعنا , وهم إنعكاس لما شابنا من بلبلة في كافة المجالات !!
- من أكثر من عشر سنوات قرأت لك كتاباً أراه مهماً (كلا ثم كلا.. كلا لفقهاء التقليد وكلا لأدعياء التنوير ) إتخذت فيه موقفاً بين فريقين , قل لي رأيك في بعض من يثيرون قضايا الفكر الإسلامي تحت رايات التنوير؟!
- لكل باحث بأي منهج , أن يدرس الإسلام دراسة حرة , له أن ينتهي من النتائج إلى ما يستريح له ضميره العلمي , حتى لو خالفت الثوابت , ولا يكون مضطراً إلى الإعتذار , ولا يدان ولا يتخذ ضده إجراء , يعني لاتصادر افكاره , ولا يحاكم , فقط إذا إختلفت عليك أن ترد عليه .
وحرية الفكر والتعبير قضية نؤمن بها تماماً ولا مساس بها , وعلى أسس قرأنية واضحة وحاسمة , وموقفنا من أولئك الذين يتناولون الإسلام بمناهج غير إسلامية , نسمهم مفكرين ولايشترط أن يكونوا ذوي خلفية إسلامية كالمستشرقين مثلاً , ولايجوز لنا تكفيرهم طالما يقولون : لا إله إلا الله ومحمد رسول الله !!
- هناك صراعٌ يدور على أرض مصر بين دعاة التنصير ودعاة الأسلمة - إن جاز لنا هذا التوصيف – كان خفياً إلا أن السنوات الخمس الأخيرة كشفت عن وجوه التعصب المقيت خلف أقنعة التسامح الهش , ماتفسيرك للظاهرة , وكيفية العلاج ؟!
- هذه المسائل تعود إلى إنتشار الجهل والتعصب معاً , ثم أن هناك عوامل خارجية أثرت في مسارات الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي على السواء , فمن ناحية ظهور السعودية كقوة كبيرة في المنطقة عقب حرب أكتوبر , فبدأت تؤسس المساجد وتنشر الفقه السلفي الوهابي , وتمويل الحركات الإسلامية , حركات الهجرة من مصر إلى دول الخيج بمئات الألوف من المصريين , في أخر أيام السادات , الذين يأتون حاملين المال والتكفيرمعاً في سُرة واحدة وتأثرهم بأسلوب الحياة هناك , مع نجاح ثورة الخوميني في إيران ,كل هذه العوامل شكلت مداً دينياً في مصر , وبالنسبة للمسيحين حدث تقريباً نفس التطور المُرتد عن طريق الهجرة إلى أمريكا وكندا واستراليا , وتشكيل مجموعات ضغط ورد على مايسمى إضطهاد القبط في مصر , الإحتقان طول الوقت يعالج بمسكنات لا تستأصل ورم الفتنة , وإنما تؤجله حتى حين بدا وكأنه لايأتي أبداً , وهذا ما نسميه بالتعصب والجهل , وأنا قلت ومازلت أقول أن البابا شنودة مسئول مسئولية كبيرة عن إرهاف الحاسة الدينية لدى القبطية , وتشجيع نمو الشعور بالإضطهاد معاً , ويعمل كزعيم لشعب القبط , والمفترض أنه رجل دين مهمته الوحيده هي الخلاص لا زعامة سياسية وعليه أن ينفض يديه تماماً من هذا العالم لأنه وكما قال المسيح مملكتي ليست في هذا العالم .
ونأتي الى المسلمين ونأسف لتفشي الجهل والتعصب بين طبقات من المفترض أنها مُثقفة ومُطلعة , يؤججون مثل هذه الصراعات لأغراض طائفية !!
- ولصالح من تدور هذه الصراعات ؟!
- لا لصالح أحد... إنما هي الجهالة التي تصور للناس أن دينهم لا ينتشر إلا على أنقاض دين آخر ,والمستفيد الوحيد من هذا الخلل هوالشيطان , الذي يجب أن تتحد كل الأديان إلهية وأرضية في مواجهة محاولات محو الدين من على وجه الأرض !!
- وأين يقع حوار الأديان الذي شاركت فيه كثيراً على خارطة مصر؟!
- إسمع لا قيمة لحوار لا يحترم فيه الآخر مصدر ديانتك , ولا شخص نبيك , ولا ألوهية كتابك , عما ماذا نتحاور إذاً عن عدم التمييز بين المواطنين بسبب دين أولون أو جنس , والحقيقة أن محاورات الأديان الأحرى أن يقوم بها علماء إجتماع , علم نفس , فلسفة , لا رجال دين فكل مُشكل بما جبل عليه ولا يستطيع منع التمييز من كان مميزاً منذ ولد , لا مسلم ولا مسيحي , وضع هذه الأوضاع في سياق الخلل العام الذي يحكمنا , وفي كل المجالات !!
- البعض يرى أن خطاب الكنيسة الأرذوكسية قد" إستغول" إلى أي مدى يوافق جمال البنا على هذه المقولة ؟!
- يبتسم ويهز رأسه بالموافقة : آه !!
إلى حد كبير , فالخطبة التي ألقاها أسقف القوصية ,كانت عاراً لاتخرج من ألد أعداء المسيح , فهوحدد الأقباط كأقلية , ومنعهم من التخالط مع المسلمين , وعدم سماع القرآن والحديث باللغة القبطية , وغيرها من الخزعبلات !!
أقلية مهما كانت وسط أغلبية ساحقة إسلامية , لابد وأن تحدث بعض الإحتقانات هنا واحدة بنت تسلم وتهرب هنا واحد راجل يحب يتنصر هناك , إننا طول الوقت لا نعرف هل الفوضى التي نعيشها غاية , أم نتيجة مؤلمة !!
الإسلام الذي حررالقبط من إضطهاد وذبح الرومان , عمرو بن العاص أنقذ البطرك بينيامين من الهلاك وأحيا الكنيسة الشرقية , ولا يستحق أبداً الإسلام من القبط كل هذه التجنيات !!
عندما قال مثلاً محمد أنور السادات إنتفض الأقباط لأنه قال أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة , لماذا ينزعج الإقباط من الحقائق ولا يصدقون إلا حقائقهم , أسرارهم ؟ سؤال يجب أن يجيب عليه العقلاء من أبناء هذا الوطن!!
حتى لا نجمل الصورة هنا أو هناك فنقع ضحايا الجهل والتعصب!
- سألته وهو معترض : كيف ترى خطاب الفكرالإسلامي الأن , وإلى أين هو ذاهب؟!
- للأسف الشديد , لايوجد خطاب إسلامي يرعى الحرية . ولا يؤمن بالإختلاف , وحرية الفرد في إختيار دينه , ليس هناك فكرلاإسلامي ولا قبطي يؤمن بحرية الإعتقاد , في حقيقة الحال وهذا جزء من عدم الإيمان بصفة عامة !!
وأرى أن الكُفر بالحرية أصل كل الشرور وسر تخلفنا ومشاكلنا , ثم من أين يأتي الخطاب الإسلامي المستنير , ألأزهر زي ماانت عارف , المجموعة الإسلامية المستنيرة تخاف من المواجهة , وأحسن مجموعة كانت مؤهلة لهذا الدور هم الإخوان المسلمين !!
إتسعت عيناي من الدهشة , فأكد , لا تندهش , لو كانوا – هنا تنفست الصعداء – تركوا متاهات السياسة , وإنخرطوا في العمل الدعوى الذي يربي الفرد المسلم , والأسرة المسلمة , ثم الأمة الإسلامية , لا الدولة , وهذا كان منهج حسن البنا , وسأريك نص خطاب أرسله مواطن سكندري إلى المرشد العام عام 1948, من وثائق الإمام التي لم تنشر من قبل , يطالب فيه بخطة لو كانت نفذت , لكان للإخوان شأن أخر!!
والنتيجه أنه لايوجد خطاب إسلامي جرئ قوي , يمكنه خلخلة المألوف والمتعارف عليه , ولا لصالح أحد يؤمن بحرية الفكر والتعددية والتعايش مع العصر , كل هذه الأفكار غائبة , أين الإيمان بالإنسان ؟!
وأن الإنسان هوالغاية , وكل الأديان وسائل لسعادة الإنسان !!
- أرى أنك إخواني أكثر من الإخوان , ماردك؟!
- الحقيقة ,ويضحك , كان نفسي أكتب كتاب بعنوان حسن البنا الذي لايعرفه أحد , وأوضح فيه حقيقة دعوة الإخوان وغاياتهم ووسائلهم في التربية , ويبدو أن كتابي الجديد الذي سيظهر جزءه الأول قبل نهاية رمضان , ( وثائق وأسرار ) حول مالايعرفه الناس عن البنا وتحدثنا فيه عن ماوقع تحت أيدينا من أوراق الشهيد , وسيصدر في أجزاء ليُبِين للناس أن هيئة الإخوان لو لم تنحرف ناحية السياسة كانت ستصبح أهم وأخطر هيئة دينية إسلامية , قادرة على النهوض بالفكر الإسلامي ومهام الدعوة الإسلامية , فالإمام البنا لو عاش الآن لتبرأ من ممثلية
- فعلها وتبرء منهم عقب مقتل النقراشي باشا ؟!
- هز رأسه متفهماً وقال : التاريخ لم يعد ملكاً لأحد !!
ودراسة الإخوان دراسة مهمة جداً , محتمل أنهم أخطئوا , محتمل أن الظروف حولتهم عن أهدافهم , ولكن هذا لايعني نفي الحقائق التاريخية !!
ولكن بصفةٍ عامة , وبمعايير الواقع يظل الإخوان أفضل الهيئات على الساحة, أما بمعايير الواجب فهذا أمرآخر شرحه يطولغعلى يسارها جماعات سلفية متشددة , مثل الجهاد والجماعة الإسلامية , وعلى يمينها ميوعة الجمعية الشرعية وأنصار السنة , ولا فاعل غير الإخوان!!


نشر (عيون الليل
)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صرح من غير متجرح