الأربعاء، 19 أغسطس 2009

تقرير سري للكنيسة ضد مؤلف قبطي يدافع عن النبي محمد
أيمن عبدالرسول
في يونية 1985 توفى الكاتب القبطي وأستاذ الفلسفة بكلية تربية جامعة عين شمس الدكتور نظمي لوقا , وتهرب كاهن كنيسة مصر الجديدة وقتها من الصلاة عليه . صلاة الموتى وقتها سرت همهمات بين المشيعين حول ما إذا صدر ضد الراحل أمر حرمان كنسي , أم أن تصرف الكاهن مبعثه موقف شخصي من الفقيد, ولكن المسألة تعود إلى أبعد من ذلك التاريخ , تحديداً في عام 1959 عندما أصدر المؤلف كتاب عنوانه محمد الرسالة والرسول , أثار عدداً من علامات التعجب والإستفهام حول الرجل , وتحيداً إن كان قد أسلم سراً أم أن إنبهاره بشخص النبي محمد (ص) كان دسيسة نصرانية على الإسلام ؟
ولم تتدخل الكنيسة وقتها بشكل رسمي – وهي عادة الكنيسة الأرذوكسية في التعامل مع القضاية الشائكة – ولكنها وعدت المتشككين في عقيدة الرجل بعمل تقرير عن الكتاب , وتم التعتيم على الكتاب وتقربره , إلى أن اكتشفنا أن القمص سرجيوس (أحد المطارنة الكبار في عصر الوحدة الوطنية وخطب الناس من على منبر الجامع الأزهر في ثورة 1919 ) كتب كتاباً سرياً لايوزع خارج الكنيسة شكل نصه التقرير الذي وعدت به الكنيسة , في هذا الكتاب الذي يحمل إسم (الدكتور نظمي لوقا في الميزان , رداً على كتابه , محمد الرسالة والرسول) فماذا كتب القمص سرجيوس في تقريره أو كتابه ؟!
كتب: تعرضنا لكتاب نظمي لوقا لأنه كتب عن محمد على حساب المسيح , بينما كتب الكتاب المسلمون عن المسيح , ولكن ليس على حساب دينهم , بل كانوا إذا ما أضطروا إلى تدوين حقيقة عن المسيح لايمكن إنكارها , كانوا يكتبونها في لباقة وخفة يد بحيث يتحاشون الإصطدام مع دينهم وكتابهم , وبحيث لا يشعر القارئ أنهم هربوا أو تحاشوا عن الإصطدام !!
أما د. نظمي المسيحي الصليبة – كما يصف نفسه – فقد خيل إليه أنه يذيب المسيحية ويجعل منها مداداً يصوغ به عقود مدح لمحمد ودينه , الأمر الذي لحظه قارئهو كتابه فقالوا:"أنه مسلم أكثر من المسلمين , ومحمدي أكثر من محمد!
بدليل انه أخذ يفسر آية القرآن (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون ) فقال في صفحة 134"أن أهل الذكر هم من يذكرون الله ويصدقون ويتقون " وهذا التفسير يخالف تفسير أئمة الدين الإسلامي , وفي مقدمتهم الإمام البيضاوي الذي فسرها بقوله : أهل الذكر همم أهل الكتاب أو علماء الأحبار " بل يخالف نص القرآن الصريح " وإن كنت في شك مما نزلنا إليك فسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك – كذا في الأصل – كما يخالف سياق الكلام
وهذا التعسف من د. نظمي المسيحي , لأنه لايريد أن يعترف بكتاب اليهود والنصارى أهل الذكر , ثم يقرر سرجيوس حكمه النهائي الحاسم : د. نظمي دخيل على الإسلام , بل هو معجون بالإسلام عجناً , بل على حد القول :" نزل من بطن أمه مسلماً "!! ثم يحيلنا سرجيوس إلى فقرات من كتاب نظمي لوقا التي يدافع فيها عن شخص النبي محمد على حساب المسيح من وجهة نظر سرجيوس , ويفندها ويبررها بعواطف نظمي المختلة ومشكلاته النفسية , متخذاً من السخرية سلاحاً حاداً ضد نظمي .. ولعل هذا لتقرير السري , الذي يتادوله الأقباط سراً هو تفسير لغز دفن نظمي لوقا في مقابر الأقباط دون صلاة الجنازة عليه
فهل يرى كتاب سرجيوس النور ؟ الجواب بالتأكيد لا.. لأنه سيلزمنا بالتحقيق الثقافي على الأقل في قضية حساسة طرفاها غيبهم الموت , ليس لهذا السبب فقط ولكن لأنه سيكشف وجهاً أخر تحرص الكنيسة الأرذوكسية على إخفائه إحياءاً لمواسم الوحدة الوطنية , وعدم نزع فتيل الإحتقان الطائفي في مصر , والأخطر من ذلك والأهم , هو لفت النظر إلى كتاب تم الإتفاق ضمناً على تكفير مسيحية صاحبه , وحرمانه من ملكوت الله لأنه كتب إنصافاً فلسفياً للنبي محمد , وكيف يقرأ الآن ؟ !
نشرت بجريدة عيون الليل العدد5, 18-8-2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صرح من غير متجرح